عجل السيد 1

عجل السيد

صحت القرية مفزوعة فقد سرق العجل الضخم الذي وهبته السيدة لمسجد سيدي أحمد البدوي.


وكانت هذه السيدة لها ابن وحيد هو الفريد الذي رفض الموت كباقي إخوته الذين ماتوا صغارا ً واحدا ً تلو الآخر


كان عمر الابن قد تجاوز الأربعة أعوام .. وهو السن الذي مات تحته باقي إخوته الأحد عشر.


وقد نصحها الناصحون بنذر عجل ضخم يكون تحت تصرف سدنة مقام "سيدي السيد البدوي"..

ويطعم منه الفقراء والمجاذيب الذين يلوذون بمقام السيد صاحب الكرامات الخارقة في مولده الشهير..

والذي يجتذب الناس من أقطار الأرض كلها.






اتجهت الشبهات نحو رجل من ذوي اليسار ومن عائلة كريمة..

ولكنه كان قد احترف الإجرام منذ صباه..

وكان قد خرج من السجن حديثا ً..

وكان لا يجرؤ أحد على مواجهته أو اتهامه بذلك مباشرة..

وخاصة أن جسم الجريمة وهو العجل غير موجودة .



والعداء معروف بينه وبين العمدة صديق الطفولة في المدرسة الابتدائية ..

وكان "الشقي" هو الوحيد الذي يعامل العمدة بعدم اكتراث وعدم احترام لمنصبه..

بل لم يكتف بذلك فقد أخذ يطلق إشاعات تنقص من قدر الرجل الذي يسعى لعضوية مجلس نيابي شهير.


كان للعمدة كثير من الرجال الذين يجيدون التحريات وجمع المعلومات..

وكانت القرية ذات مدخل واحد يؤدي إليها فقط..

لذا كان الوصول إلى الحقيقة أو فبركتها سهلا ً ميسورا ً..

ولذلك لم يمض أكثر من ساعة إلا وكانت سيارة العمدة الفاخرة تنطلق في طريقها المعلوم مع من فيها من الرجال الأشداء ..

تصبحها دعوات الدراويش من جميع قرى المركز والمراكز المجاور

والذين كانوا متأكدين من عودة العجل ببركة "سيدي البدوي".

قائلين ومرددين المثل المصري الشهير:


"الشيخ الباتع يحمي تابوته"






عاد العجل في المساء ممتطياً سيارة ربع نقل وسط صيحات الرجال والأطفال وزغاريد النساء..

وأصرت صاحبته علي ركوب العربة التي بها العجل

وأن تلف بها على مقامات الأولياء الأصغر شأناً من "السيد البدوي" .. وقد كان لها ذلك.


أشاع أنصار العمدة أنه قد أحضر العجل من القاهرة ومن مذبح السيدة زينب نفسه..

وأنه كان في طريقه للذبح قبل إنقاذ العمدة ورجاله له..

وتزامن ذلك مع مداهمة رجال المباحث لمنزل المجرم الشهير والإمساك بالدليل الذي لا يقبل الشك..

وهو الحبل الذي كانت السيدة تضعه في ساق عجلها الشهير.






واقتيد الرجل إلي مركز الشرطة ثم النيابة..

وبعدها عقدت له محاكمة سريعة عاد الرجل بعدها إلي السجن مرة أخري.


وصادف حظه السيئ عند انتهاء مدة سجنه قيام أحداث عام 1981..

وصدور قرار باعتقاله مع من اعتقل من الذين يسببون خطراً علي الأمن العام..

مما عمق تأثير الإشاعة بأن ذلك من انتقام "السيد البدوي" منه .






كان لصداقات العمدة برجال المباحث كبير الأثر في عدم تصديق روايات الرجل بأن الحادث ملفق..

وكانت حججه واضحة جلية إذ أن اللص لا يمكن أن يفك الحبل الذي يربط به أي بهيم مسروق..

إذ أنه سوف يحتاج إليه في جر البهيم إلي السوق الذي سيبيعه فيه.


وحتى إذا افترضنا جدلا ً أنه قد فك الحبل فلا يعقل أن يبقيه في بيته..

وأنه لو كان قد قرر السرقة فعلا ً لسرق زريبة العمدة الحافلة بالبهائم والأرزاق.


ومع ذلك عزز الدراويش اعتقاد الناس أن الرجل هو السارق الحقيقي..

وأن السيد البدوي قد انتقم منه شر الانتقام..

وصارت للعمدة عندهم مكانة كبيرة رفعته لأعلى الدرجات.






إن ميل الشعب المصري للخرافة وأن قوة "السيد البدوي" قد أعادت العجل لصاحبته..

وأعادت الفرصة لترديد الدراويش لمعجزات "السيد البدوي" جياب اليسرى.. كما يتغنون له:


"الله.. الله.. يا بدوي .. جياب اليسرى"


و "اليسرى" هي تحريف لكلمة الأسرى لتسهيل التغني بهذه العبارة..

وللجديث بقيه انشاء الله